هوزان أحمد ديرشوي-جسر بافت تاريخ وتوثيق
في صغرنا كنا ننتظر الأول من أيار من كل عام کي نذهب في رحلة عائلية إلى عين ديوار، هكذا كانت العادة في منطقتنا، في كل سنة و في ذاك التاريخ يأتي الناس من مختلف المناطق التنزه في قرية عين ديوار السياحية المطلة على نهر دجلة، في إحدى تلك النزهات حيث كنت في مراحلي الأولى من دراستي الإبتدائية، كنت أسمع الكبار يتحدثون عن جسر بافت، تلهفت فضولا كي أرى ذاك الجسر الذي يتحدثون عنه، أبي كان يقول لي إن الجسر بعيد قليلا عن عين ديوار، سنزورها إن سنحت لنا الفرصة، في المرة الأولى التي رأيت فيها جسر بافت كنت في المرحلة الإعدادية، رؤية بافت وحده لا تشفي الغليل فكان علينا أن نتسلق الجسر عبر طبقات أحجاره البارزة من ركائزه حتى نصل قمة الجسر، من تلك القمة نرى جزيرة بوتان بشكل أفضل و نرى مياه دجلة و بعض التلال هنا وهناك و وفي الطرف الآخر من النهر طريق دولي كنا انتشوق لرؤية تلك السيارات على ذاك الطريق كي أجيب عن السؤال الذي كان يخطر في بالي دائما هل تشبه السيارات في الطرف الأخر من الحدود سياراتنا، وهل تشبه أبنيتهم و مزارعهم و آلياتهم الزرعية كتلك الموجودة في بلادي؟. كنت أسمع أن ذاك الطرف من الحدود و هذه القمة التي أقف عليها في أعلى جسر بافت أرض واحدة اسمها كوردستان لكنها قسمت و فصلت بأسلاك شائكة تبعد بضع مئات من الأمتار من جسر بافت، قمة بافت وحدها كانت تذهب بنا إلى الطرف الأخر من الحدود وتزيل كل تلك الأسلاك الحدودية من داخلنا بعد جسر عين ديوار من الآثار القديمة جدا في المنطقة، ومن القناطر القديمة على مستوى العالم المتبقية حتى الآن، رغم قلة المصادر التاريخية و الوثائق و الدراسات حول هذا الجسر إلا أن طريقة بنائه و بقاءه حتى الآن يشهدان على متانته و عمقه التاريخي، تارة ينسب بناؤه إلى الرومان و معسكرهم الذي بني بالقرب من مكان الجسر وتارة إلى الأتابكة وتارة إلى الساسانيين، ارتبط تاريخ هذا الجسر بتاريخ مدينة جزيرة بوتان في كوردستان تركيا. بني هذا الجسر على نهر دجلة بالقرب من جزيرة بوتان و لكن نتيجة ظروف البيئة و التغيرات المناخية انحرف مسار النهر قليلا و بقي الجسر في الجهة الغربية من دجلة، بعد رسم الحدود بين سوريا وتركيا في ثلاثينيات القرن العشرين أصبح هذا الجسر ضمن حدود الدولة السورية في الجزء الغربي من کوردستان. حاولت في هذا الكتاب تجميع كل ما نشر عن جسر عين ديوار تاريخية و توثيقية وما نشر من دراسات مرفقة بالصور و أيضا قصص الموروث الشعبي حوله، إضافة إلى التغيرات التي طرأت عليه حتى وقت إعداد هذه الدراسة حيث تحاول تركيا إعادة مرور مياه دجلة من الجسر وضمه إلى أراضي جزيرة بوتان.اسم الكتاب: جسر بافت-تاريخ وتوثيق
اعتمدت في هذا الكتيب اسم الجسر كما ذكرته مجلة هاوار للأمير جلادت بدرخان حيث يسميه بافت.
المهندس: هوزان أحمد ديرشوي-هولير
تأليف: هوزان أحمد ديرشوي
التدقيق اللغوي: خالد جميل محمد
التصميم والأخراج الفني: الان بيوند
الطبعة الأولى: هولير-كوردستان-2018
عدد الصفحات: 62
ليست هناك تعليقات: